تعريف النظام الإشتراكي : وهو نظام تنتهجه وتتبنى مبادئه الدولة للتنمية الشاملة ، ويقوم على أساس مراقبة الدولة للنشاط الإقتصادي والتدخل فيه ، للحدّ من الإستغلال الرأسمالي لمقدرات البلاد ، التي تعمل على توفيرها للعامة ، وتركّز الثروة في أيدي عدد محدود من الأفراد ، وتوفير فرص العمل للمواطنين . ومن التعريفات للنظامُ الاشتراكي هو نظامٌ فكريٌ قائمٌ على وضعِ مجموعةٍ من المبادئ والقواعد التي تسيطرُ على السياسة، والاقتصاد في دولةٍ ما، وأيضاً يُعرفُ النظامُ الاشتراكي بأنّه عبارةٌ عن نوعٍ من أنواع الفلسفات الفكريّة التي تهتمُ بصياغةِ نظامٍ يتحكمُ بالعوامل الاقتصاديّة، والسياسيّة الخاصّة بالدُولة من خلال الاعتمادِ على تطبيقِ فلسفةٍ معينةٍ تربطُ بين النظامِ السياسيّ، والنظام الاقتصاديّ بعلاقةٍ تكامليّة تهدفُ إلى جعلِ ملكيّة الوسائل الإنتاجيّة، والموارد الاقتصاديّة ملكيّةً عامةً لجميعِ الأفراد في المجتمعِ، والذين يتشاركون في التحكمِ بها كلٌ على حسبِ دوره، ومن هنا جاء مسمى الاشتراكيّة للدلالةِ على تعزيزِ دور المشاركة بين الأفراد.

تاريخ النظام الاشتراكي تعود أصولُ ومبادئُ النظام الاشتراكي إلى عامِ 1827م، إذ قام الفيلسوفُ وعالم الاجتماع (أوين) بصياغةِ مجموعةٍ من الأفكار التي أطلق عليها مسمى الاشتراكيّة، ثمّ أصبح هذا المصطلحُ مستخدماً عند العديد من الفلاسفةِ والمُفكرين، وفي عام 1864م تمّ الإعلان عن تأسيس أول جمعيةٍ قائمةٍ على الأفكار الاشتراكيّة الأولى في إنجلترا.

وفي عام 1917م قامت الثورة الروسيّة، والتي اعتمدتْ على الأفكار الاشتراكيّة التي أعلن عنها (لينين)، وفي عام 1918م بعد نجاح الثورة في روسيا تمّ الإعلان عن تحول روسيا رسمياً إلى النظامِ الاشتراكيّ، وبعد ذلك بسنواتٍ ظهرتْ أفكارُ الفيلسوف الاشتراكيّ (كارل ماركس) والتي تحولتْ مع الوقت إلى مبادئ للاشتراكيّة، والتي أُطلقَ عليها لاحقاً مسمى الماركسيّة.



وازداد تأثير الفكر الإشتراكي مع ازدياد حدة الأزمةِ الإقتصاديةِ العظمى ، والتي شهدتها المجتمعات الرأسمالية ( والتي تحتكر موارد البلاد في أيدي فئة أو طبقة محدودة دون العامة من الشعب ) ، خلال الفترة من 1929 – 1933 م ، حيث عانت تلك المجتمعات من ازدياد عدد البطالة والركود والفقر الشديدين .وفي منتصفِ القرن العشرين للميلاد، وتحديداً بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية أصبح النظامُ الاشتراكي من الأنظمة الرسميّة في العديدِ من دول العالم، وخصوصاً الأوروبيّة منها التي انتشرتْ فيها الاشتراكيّة بشكلٍ كبيرٍ؛ لأنّها ساهمت في تحقيقِ العديد من الأهداف السياسيّة التي كان يطمحُ لها السياسيون في تلكِ الدول، ومن أهمها: دُولُ الاتحادُ السوفيتيّ، والصين، وكوريا الشماليّة.

خصائص النظام الاشتراكي

توزيعُ وسائل وأدوات الإنتاج بين الأفراد بالتساوي، وهو الهدفُ الأولُ من أهداف النظامِ الاشتراكي.

وضعُ خطةٍ تهدفُ إلى التحكمِ بالنظامِ الضريبيّ للدولةِ، ومتابعةِ الهيكليّة الاقتصاديّة للسوق.

الدفاعُ عن حقوقِ العمال دون وجودِ أي سلطةٍ سياسيّةٍ، أو اقتصاديّةٍ تتحكمُ بحقوقهم أو امتيازاتهم.

الاعتمادُ على تطبيقِ نظام التعاون بين الأفراد من أجل حصولِ كلٍ منهم على حصتِهِ من الإنتاج، والتي تمثلُ قيمة الدخل الخاصّ به. تطبيقُ استراتيجيّةٍ معينةٍ للتعاملِ مع المواردِ المتاحة في الدولة، من خلال توزيعها على القطاعات الاقتصاديّة بالتساوي.

أنواع النظام الاشتراكي

النظام الاشتراكي السياسيّ: هو النظامُ الاشتراكي الذي قامَ كحركةٍ سياسيّةٍ تهدفُ إلى تطبيقِ الأفكار السياسيّة اللاسلطويّة، والتي تهتمُ بتوزيعِ السلطة على أفراد الشعب، مع وجودِ تحكمٍ غير مباشرٍ من الدولة، وأيضاً اهتمَ هذا النظامُ بتطبيق أفكار (لينين) بصفته أول الأشخاص الذين دعوا إلى الاشتراكيّة السياسيّة.

النظام الاشتراكي الاقتصاديّ: هو النظامُ الاشتراكي الذي اعتمدَ على الجمعِ بين السياسة، والاقتصاد من أجل محاربةِ النظام الاقتصاديّ الرأسمالي، والذي يختلفُ عن النظام الاشتراكي بصفته يعتمدُ على التحكمِ المركزيّ بعناصر الإنتاج، ونجحَ النظامُ الاشتراكي الاقتصاديُّ في تطبيقِ العديد من سياساته الاقتصاديّة في معظمِ دول العالم.

و تتمحور أو تبنى فكرة النظام الإشتراكي ، على ضرورة الملكيّةِ العامة لوسائل الإنتاج , وتدخل الدولة لتحقيق هدفين رئيسيين ، هما :

كفاية الإنتاج . عدالة التوزيع .

و يمتازالنظام الإشتراكي بثلاث سمات رئيسية ، و هي :

أولاً : الملكيةِ العامة ( الشعب بكافة طبقاته ) لوسائل الإنتاج :حيث يؤمن الفكر الإشتراكي أنّ التملك الفردي – كتركز الثروة في أيدي فئة معينة – هي الوسيلة التي يتم من خلالها إستعباد الفئات الأخرى و إستغلالهم مقابل عوائد زهيدة ، لا تكفي قوت يومهم ، ومن هنا ينصّ النظام الإشتراكي على عدم السماح للأفراد بتملك وسائل الإنتاج ، وأن تكون تلك الوسائل ( ملكيّة عامة ) للمجتمع كافةً ، وليست حكراً على أفراد معينين.

ثانياً :التخطيط :ويقوم هذا النظام على وجود ( جهاز مركزي للتخطيط ) ، حيث يقوم بوضع الخطط وتحديد الأهداف التي تهدف إلى الرقي بالمجتمع وتحقيق الإكتفاء للشعب ، بتوفير العمل والسلع للجميع ، وتلتزم جميع المنشآت على العمل على تحقيقها خلال فترة زمنيّةٍ محددة مدروسة بدقة ، وذلك للتوفيق بين الموارد والإحتياجات ، وتحقيق الأهداف المنشودة للرقي والتنمية والقضاء على الفقر والبطالة قدر الإمكان .

ثالثاً : توفبر ما يلزم لإشباع الحاجات الإجتماعيّة :يقوم النظام الشيوعي بدراسةٍ شاملة وعامة لحاجات المجتمع من السلع والخدمات المختلفة ، والموارد المتاحة لتوفير تلك السلع و الخدمات ، وكميّة و الإستثمارات التي يمكن القيام بهاو كيفية تطبيقها على أكمل وجه ، لتأمين إحتياجات المجتمع من السلع والخدمات , وتوفيرها قدر الإمكان .

وكما أن هنالك ميزات للنظام ، بكل تأكيد لا يخلو أي أمر أو نظام موضوع من العيوب ، بالنسبة للعيوب التي تهدد إستمرارية النظام الإشتراكي فهي :

1. هشاشة الحوافز الفرديّة وضعفها.

2. القوانين الصارمة و المركزيّة المتشدِّدة .

3. البيروقراطيّة والتعقيدات الإداريّة .

أمّا العقبة الرئيسيّة و المشكلة الأساسيّة في تطبيق النظام الإشتراكي ومبادئه ، ترجع إلى إهمال العوامل ( الديالكتيكيّة ) في توضيح و تفسير طريقة الإنتاج الإشتراكي ، أو التطبيق غير الواعي للأسباب أو غيرالمدروس بدقة عالية ، وخاصّة في مرحلة النمو و التطور التاريخي لقوى الإنتاج .

وبما أنّ الرأسماليّة تقف عائقاً وتشكل عقبة أمام نمو القوى الإنتاجيّة ، فقد تطورت ( الإشتراكيّة العلميّة ) من هذه المتناقضات للرأسماليّة ، والتغلب عليها لا يتم إلاّ بإلغائها ، وأن تحل بدل علاقات الإنتاج الرأسمالي ، علاقات الإنتاج الإشتراكي .

ومن هنا يتضح لنا أن الجوهر الأساسي للإشتراكيّة ( إقتصادي بحت ) ، ويتعلق بالملكيّة ووسائل الإنتاج ، وسوء توزيعها واحتكارها من قبل الرأسماليين ، واتخاذ قرارات إستخدام هذه الوسائل ، وكيفية توزيع الناتج القومي المحقق من هذا الإستعمال بشكل عادل.