تواجه منصات التكنولوجيا الكبيرة تحديًا لا مثيل له مع تحرك أستراليا لجعلها تدفع مقابل الأخبار.
في تصعيد كبير، هددت جوجل يوم الجمعة 22 يناير بجعل محرك البحث الخاص بها غير متاح في أستراليا إذا وافقت الحكومة على تشريع يجبر شركات التكنولوجيا على دفع مقابل مادي للمؤسسات الصحقية التي تعرض جوجل أخبار منها على منصاتها.
أعاد موقع فيسبوك، الذي ظهر مع جوجل في جلسة استماع لمجلس الشيوخ الأسترالي، تأكيد تهديده الخاص، وتعهد بمنع المستخدمين في أستراليا من نشر أو مشاركة روابط للأخبار إذا تم تمرير مشروع القانون.
في كلتا الحالتين، كشفت التحذيرات الرهيبة التي أطلق عليها أحد أعضاء مجلس الشيوخ الاسترالي أنها “ابتزاز” استعدادًا واضحًا لفيسبوك وجوجل لإخفاء أو محو مصادر موثوقة للمعلومات لملايين الأشخاص في وقت تتعرض فيه منصات التواصل الاجتماعي لانتقادات للمساعدة في انتشار المعلومات المضللة في جميع أنحاء العالم.
تجادل الشركات بأنها تساعد بالفعل صناعة الإعلام عن طريق إرسال قراء الي مواقعها علي الإنترنت وحساباتها علي شبكات التواصل الإجتماعي، وأن القانون سيضعها أمام “مستويات لا يمكن السيطرة عليها من المخاطر المالية والتشغيلية”.
رد فعل جوجل، التي تتحكم في 95% من جميع طلبات البحث في أستراليا بالإضافة إلى امتلاكها شبكة يوتيوب، أرتفع بشكل صارم بشكل خاص: قامت الشركة مؤخرًا بدفن مواقع إخبارية أسترالية رئيسية بوضعها في ترتيب متأخر في نتائج البحث فيما أطلقت “تجربة”.
لكن سابقة دفع شركات التكنولوجيا لمقابل مادي للصحف لا تبدو في حد ذاتها هي المشكلة.
قبل ساعات قليلة من تهديد جوجل بسحب محرك البحث الخاص بها من أستراليا، وافقت الشركة على دفع مقابل مادي للمؤسسات الإخبارية في فرنسا بموجب اتفاقية من المرجح أن تؤدي إلى المزيد من الصفقات في جميع أنحاء أوروبا.
تتمحور المعركة في أستراليا حول السلطة: من الذي يقرر المقابل المادي، وما الذي يدفع شركات التكنولوجيا إلى دفع الرسوم، ومتى يتعين عليهم الكشف عن التغييرات في خوارزمياتهم.
لقد وضع التحدي الحازم الذي تواجهه أستراليا به عمالقة الإنترنت في طليعة حركة لدعم وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية التي تعاني من تهديد بالانقراض بسبب شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار.
بالنسبة إلى جوجل و فيسبوك، أصبح ردهم الشديد نقطة محورية في جهودهم العالمية لمقاومة تنظيم عملهم ومراقبة طريقة تصرفهم في المعلومات التي يحصلون عليها، حيث تتطلع الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى كبح جماحهم.
الروابط مقابل المشاهدة
يتركز القتال جزئيًا على الجدل حول طبيعة نتائج البحث، وحول مسألة ما إذا كان يتعين على شركات التكنولوجيا الدفع مقابل كل مقال يراه الأستراليون على منصاتهم.
في خطاب ردا علي استفسار مجلس الشيوخ الأسترالي حول اقتراح المقابل المادي، كتب تيم بيرنرز لي، مخترع شبكة الويب العالمية، أن “القانون المقترح يخاطر بانتهاك مبدأ أساسي للويب من خلال المطالبة بالدفع مقابل الربط بين محتوى معين عبر الإنترنت”.
وأضاف أن “القدرة على وضع رابط بحرية” ، “يعني دون قيود فيما يتعلق بمحتوى الموقع المرتبط وبدون رسوم مالية، أمر أساسي لكيفية عمل الويب”.
قدمت ميلاني سيلفا ، المديرة الإدارية لشركة جوجل استراليا ونيوزيلندا، نفس الحجة يوم الجمعة 22 يناير في مجلس الشيوخ وفي مقطع فيديو تم نشره على تويتر، وضربت مثال حيث طلبت من الناس تخيل التوصية ببعض المقاهي إلى صديق ثم تقديم فاتورة الي هذه المقاهي لتبادل تلك المعلومات.
قالت: “عندما تضع سعرًا للربط بمعلومات معينة، فإنك تكسر الطريقة التي تعمل بها محركات البحث”. “ولم يعد لديك شبكة ويب مجانية ومفتوحة.”
ومع ذلك ، لا تقوم جوجل و فيسبوك (جنبًا إلى جنب مع تويتر وغيرها) بالربط ببساطة. يقومون بوضع نظام العمل في الصفحات التي يعرضونها، مع العناوين والملخصات والصور، ثم يقومون بعرض المحتوى وتقديمه أثناء نشر الإعلانات.
الخوارزميات السرية مقابل الشفافية
يتضمن أحد العناصر الهامة في التشريع المقترح الخلطة السرية لـ فيسبوك و جوجل والشركات التابعة مثل يوتيوب وهي: الخوارزميات التي تحدد ما يراه الأشخاص عند البحث أو التنقل عبر المنصات.
كانت المسودات المبكرة لمشروع القانون تتطلب أن تقدم شركات التكنولوجيا لشركائها في وسائل الإعلام الإخبارية إشعارًا قبل 28 يومًا من إجراء أي تغييرات من شأنها أن تؤثر على كيفية تفاعل المستخدمين مع المحتوى الخاص بهم.
قالت جوجل وفيسبوك إن ذلك سيكون مستحيلًا لأن خوارزمياتهم تتغير دائمًا بطرق يصعب قياسها لمجموعة فرعية مثل الأخبار، لذلك في المسودة الأخيرة، حد المشرعون من الفترة الزمنية.
إذا تم تمرير مشروع القانون بشكل أو بآخر، وهو ما يبدو مرجحًا، فسيتعين على المنصات الرقمية إعطاء وسائل الإعلام إشعارًا لمدة 14 يومًا بتغييرات خوارزمية متعمدة تؤثر بشكل كبير على أعمالها. حتى هذا، كما يجادل بعض النقاد، من أن شركات التكنولوجيا الكبرى لن توافق علي هذه المدة أيضا.
قال يوهان ليدبيرج، أستاذ الإعلام في جامعة موناش في ملبورن: “أعتقد أن شركتي جوجل وفيسبوك قلقان بشدة من أن الدول الأخرى ستنضم إلى جهود أستراليا”. “قد يتسبب هذا في النهاية في خسائر كبيرة في الإيرادات على مستوى العالم وخسارة خطيرة للسيطرة، كما يتجلى في مشكلة الخوارزمية.”
لكنه أضاف أن استخدام التهديدات للتنمر على المشرعين لن يفيدهم بأي شيء.
قال يوهان: “إن رد فعل جوجل المبالغ فيه يوضح تمامًا سبب الحاجة إلى القانون”، “علاوة على ذلك، هناك حاجة ماسة لجميع الحكومات، في جميع أنحاء العالم، للانضمام إلى الجهود الرامية إلى كبح جماح هذه الشركات التي خرجت تماما عن السيطرة.”
خاص: إيجيبت14
المصدر: نيويورك تايمز