القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

أصل الحدوته .. في اللاشعور “بطل لكن !! مش من ورق”

104

بقلم دكتور /أحمد عبدالله عز 
-إستيقظت من نومى منتصف ليل أمس (لاشعوريا) لأشبع حاجتى للعطش .. ثم تصفحت هاتفى سريعا أيضا (لاشعوريا) بلاهدف وربما أرسلت طلبات صداقه ووبخت عدد من أصدقائى ثم وقع هاتفى من يدايى كل ذلك (لا شعوريا) وغفوت على وسادتى لأكتشف صباحا أن رأسى كانت محشوره بين الجدار والسرير معا
-وحينما أستيقظ كعاده أي شخص تنتابك لحظات إستفاقه تأمليه في سقف الغرفه فأسترسلت بعض تفاصيل حياتى ولكن على الرغم من أننى أنظر بشكل واعى وشعورى إلى السقف إلا أننى لا أختار الأفكار التي أتامل فيها بل تتدفق إلى وجدانى (لاشعوريا) فوجدتنى تاره تحدثت في هاتفى بينما أنا أقود سيارتى أو أسير على أقدامى بل ووصلت إلى وجهتى لاشعوريا , وتاره أخرى كنت في جلستى منفردا بنفسى او قبل نومى بدقائق أو مع أصدقائى فقفزت إلى ذهنى فكره سوداويه فتغيرت ملامح وجهى تماما وفسد يومى وتصدعت إبتسامتى وأصبح وجهى عبوثا قمطريرا حينها (لاشعوريا)
– ويبقى السؤال هنا ما الذى دفع عقلى أن يستدعى تلك الذكريات وأن يحرك تلك المشاعر وأن يدفعنى لتلك السلوكيات من عدوان لهروب وإنكار وكذب وغضب وبعض الأفعال المتهوره في بعض المواقف (كالسكرى) دون إستئذان وحينما أستفيق (أسترجع وعيى) أدرك أننى كنت تحت وطأه عالم اخر خارج سيطرتى (وهو العالم اللاشعورى)
– على ما يبدو أننا لا نحكم السيطره في كل أفعالنا بل نفقد زمام أمورنا بعض الوقت وتتسلم القياده أليات لاشعوريه داخلنا كالطيار الألى التى تشكلت بفعل طفولتنا وتنشئتنا وخبراتنا ومواقفنا تترك إرثا مقيتا في نفسنا ومخيلاتنا وذاكرتنا لتتحكم في تصرفاتنا مثل جذب أيدينا لا إراديا عند شكه الدبوس أو لسعه الشمعه
– ومن هنا علينا ان نتسائل ما الفرق بين (الشعور – اللاشعور – تحت الشعور)
الشعور :
حالات عقليه يدركها الفرد في وقتها كما انت تقرأ المقال الأن وتفسر ما فيه من كلمات ومعانى وكما يتلقى الطالب الدرس من معلمه ويفكر في السؤال ليصدر الإستجابه فهى حاله الوعى الكامل التي تدرك فيها الموقف وتفكر فيها بكامل إرادتك وتدرس وتحلل كل الأمور والمعلومات لتتخذ القرار المناسب أو الإستجابه المناسبه
تحت الشعور :
خبرات الفرد في حياته الماضيه التي إختزنها في ذاكرته من مواقف ومعلومات يستطيع عقله إستعادتها متى أراد كإسترجاع المعلومات وقت الإمتحان أو إسترجاع موقف حزين أو سعيد في الماضى حينما يطلب منك احد أصدقاءك أن تسرد لهم موقف طريف حصل لك من قبل أو للعظه والإستفاده
اللاشعور :
حالات عقليه وجدانيه عاشها الفرد وتحتوى على الرغبات والذكريات والمشاعر المؤلمه التي لم يستطع الفرد تحقيقها أو التغلب عليها في الماضى فيكبتها وتظهر لا إراديا مع ردات فعل ودوافع مختلفه كحيل دفاعيه يتصرف فيها الفرد بإندفاع من الداخل دون أن يدرى أنه لا يستطيع السيطره عليها والتي ستنتاولها بشكل مختصر
– إستوقفتنى حكمه تقول (لا تعطى عدا وانت في قمع سعادتك ولا تتخذ قرارا وأنت في قمه غضبك)
مما يعنى ان الإنسان في تلك الحاله الإنفعاليه العاليه .. لايستطيع إتخاذ اى قرارات سليمه أو تصرف محسوب ودقيق يتحمل تبعياته بشكل واعى
-إذا ما تأملنا حولنا ستجد أن أغلبنا يتصرف تصرفات بلهاء خارجه عن التحكم والسيطره لغلبه (اللاشعور) علينا وتوليه الدفه بدل عقلنا (الشعور والميزان) .. فتندفع في كل شيء نحو شخص أو موقف وربما نحو محاوله النجاح أو الإستقلال حتى تتمرد على وضع معيشي صعب كالفقر المقدح أو لظروف تتعرض له داخل أسرتك من حزن وقسوه وتحكم وسيطره أبويه تخزنت داخلك فتبنى بداخلك بنيان نفسى هش يدفعك للهروب خوفا او للإنتقام أحيانا او ربما لمحاوله الخلاص والتمرد من ذلك كله في تصرفات هوجاء أو من خلال نجاحك في شيء ما أو ربما تدفعك هربا من تحمل مسؤليات تجاه صديق او حبيب او عمل او عائله او علاقات مختلفه ويزيد الأمر سوءا ما نشاهده من خبرات سيئه مأسويه مختلقه في بعض المسلسلات وربما قصص حقيقيه فاشله عديده تجمعت في مسلسل واحد مأسوىا أصبح منبع لغرس الشك بداخلنا أكثر من أنه مسلسل يزيد الوعى فيزيد القلق وتزرع بداخلك إنعدام منطقه الأمان وأن السئ هو السائد والجيد هو بالقليل
– يعيش أغلبنا من صغرنا حاله كبت لسببين إما إرضاء لأهلنا أو الخوف منهم فيكبتوا بداخلنا رغبات الطفوله والإستقلال والحريه والتمتع فيكبت بداخلنا أشياء ورغبات نحبها ونريدها لكن يقابلها ألف كلمه لأ ألف مشكله أسريه ألف إهانه ألف لحظات وحده لغياب احد القطبين اب او أم او لظروف الإنفصال ألف لحظه سيئه حفرت بداخلنا محاوله الهروب او محاوله النجاه للتخلص من الالام والاثام والام الفقر والعجز والحاله الإقتصاديه السيئه والبطاله وإنعدام المكانه والمهانه والفشل والتنمر وإحساس بالدونيه وأن الحياه ليست عادله أو تعرضنا لحالات تحرش او تعرضنا لسلوكيات سيئه من الغرباء او من الأقرباء وكأنهم غرباء فيدفعنا لا إراديا لأن نمسك بالسيف ونتقاتل طيله حياتنا لا إراديا
– لقد كبت بداخلنا رغبات في الطفوله وتزايدت بفعل مواقف الحياه وإنفتاح الميديا بكل أشكالها وإختلاط الاحداث المختلقه والحقيقيه بشكل مكثف يفوق الأمان النفسيى والإستيعاب العقلى فتتخزن وتنتقل تلقائيا من عالم الشعور إلى عالم اللاشعور لإنى لم أستطع التحكم فيها ووضع حلول جذريه لها , فإنعدمت إحساسى بالثقه وشعورى بذاتى في إتخاذ قرارات ومواجهه المشاكل (أوفا محدش بيعمله حساب) فإنتقلت للاشعور , وبالتالي الأغلب لديه رغبات مكبوته لم يستطع التغلب عليها او تحقيقها فحاول نسيانها ظنا منه انه ينساها ولا يعلم انها ستنتقل للاشعور الذى يعبر عنها مندفعا (لا إراديا) في سلوكياته وهو يعتقد أنها بإراده منه كالدوافع الأتيه :
فمثلا قد يلجأ الفرد لحيله تسمى (التعويض) وهو أن يعوض مناطق ضعفه ونقصه وقله حيلته بسبب من يوبخه مثل مديره او من يتنمر عليه من أصدقاؤه او من يقلل من قيمته مثل أهله ويقومون بإهانته فيقوم بالتجنى على من هو أضعف منه وربما كوب زجاجى او قط أليف يقوم بركله بالقدم .. وهناك من يعوض فشله في الدراسه مثلا او في بعض أمور الحياه في أن يندفع دفعا للنجاح في مجال أخر حتى يثبت للجميع أنه عظيم وهو لا بأس به بالتأكيد لكن كان الدافع الداخلى هو تمرد على وضع سئ أكثر من كونه حلم يسعى لتحقيقه منذ البدايه فطيله الوقت يبذل جهدا اكبر لإثبات للجميع أننى لست فاشلا كما كنتم تدعون ولذلك أغلب لاعيبه كره القدم مثلا ستجدهم كانوا يتمردون على وضع إجتماعى ومعيشى سئ وربما تعرضوا فيه للتنمر وتكسير المقاديف كما يقال
وهناك من يعوض شعور نقص العاطفه والحنيه والإرشاد والتوجيه الأبوي لغياب الطرفين أو إحداهما فيلجأ لا إراديا لتعويضه في أخر وربما اللاشعور يدفعه لشخص ما قد لا يستحقه أبدا فإندفع إليه بدافع الحاجه وليس بدافع الحب الحقيقى ويصعب حينها أن تفرق بين الحب الحقيقى وبين إحتياجك لتلك المشاعر
– وعلى جانب أخر يلجأ أخرين للإنكار لا إراديا نتيجه تعرضهم لخبره طفوليه سيئه ضرب أو إهانه أو إنتقاد لاذع أفقدتهم الثقه بأنفسهم في تحمل مسؤليه الفعل كالطفل الذى تضربه أمه لإنه يرسم على الجدران فمع التكرار ينكر انه الذى رسم رغم رؤيه امه لذلك وبالتالي حينما يكبر إذا إرتكب خطأ واضح وضوح الشمس سينكره أيضا وقد يكون في يديه أدوات الجريمه
– وعلى صعيد أخر قد يلجا أخرين للإسقاط لا إراديا فلا يقوم بإنكار الفعل فقط بل يقوم بإلصاقه في الأخرين فإذا فشل في الدراسه او العمل فينكر فعله للخطأ ويلصقها في الأخرين وربما زميل له كمن يوقع كوبا على الأرض فيقول لست أنا بل هي وقعت وحدها وبالتالي هي نتيجه بالتبعيه لفقدان الثقه وتحمل المسؤليه منذ الصغر
– وهناك من يتصنع أسباب غير حقيقيه تعرف بالتبرير وهى إعطاء أسباب تبدو مقبوله ومقنعه لكنها غير حقيقيه بالمره كمن يكره بعض الأصدقاء او الحضور الإجتماعى معهم فإذا ما دعوه للتنزه يختلق تبريرا ليس حقيقيا بأنه مصاب على ما يبدو بالكورونا وهو ليس مبررا حقيقيا ولكنه سيبدو معقولا لدى أصدقاءه
كل تلك دوافع لاشعوريه ترسبت داخلنا بفعل الخبره والمواقف منذ صغرنا فأصبح لنا رصيد لاشعوري يدفعنا لبعض التصرفات قبل أن نحكم عقلنا
ففي النهايه أنت لست المتحكم الكامل في تصرفاتك بل تحتاج بإستمرار لإعاده إكتشاف نفسك (شعوريا) لتصلح رواسب ترسخت بداخلك قديما فتتلاشى المقاومه المستمره مع ذاتك وتتحكم بشكل أكبر في تصرفاتك وتتسلم الدفه
.. ولذا سنجد كل منا يستيقظ يوميا ليصارع ذات اللاشعور داخله في معارك طاحنه خلقت في أعماقه دون إستئذان أشبه بفيلم تامر حسنى (مش أنا) الذى فيه يصارع يديه التي تتحرك لا شعوريا وتقوم بأفعال مشينه .. ولهذا فكلا منا بطل حقيقى لا يمكن إنكار عظمه ما يقوم به فنحن (أبطالا أشداء من رحم اللاشعور .. ولسنا أبطالا من ورق)
“فكل الحدوته .. فى اللاشعور”
وإنتظرونا قريبا في مقالات أخرى

قد يعجبك ايضا
تعليقات