مقالات

هل يؤكد موقف بايدن في إنها الحرب في اليمن على إستراتيجية أمريكا في أمن السعودية؟

بقلم/ علي أحمد الديلمي

أقيمت العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين السعودية والولايات المتحدة الامريكية عام 1940 ومنذ ذلك الحين ورغم الاختلاف البائن بين نظاميهما السياسيين كان البلدان حليفين. وتحالف البلدان منذ الحرب العالمية الثانية ضد الشيوعية ولصالح المحافظة على استقرار اسعار النفط وفي سبيل المحافظة على سلامة حقول النفط وطرق نقله من خلال الخليج.

كما كان يهدف تحالفهما الى تعزيز استقرار الاقتصادات الغربية التي كان السعوديون يستثمرون فيها اموالا طائلة، فضلاً عن أن البلدين حليفان ضد السوفييت في افغانستان في الثمانينيات وفي اخراج القوات العراقية من الكويت في عام 1991.

ولكن لم تخل العلاقة بين البلدين من خلافات كما حصل في عام 1973 عقب حرب تشرين العربية الاسرائيلية عندما تزعمت السعودية حظرا على تصدير النفط الى الغرب كما حصل تصدع في العلاقة عقب هجمات ايلول / سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة التي حمل الكثير من الأمريكيين السعودية مسؤوليتها لاسيما وان 15 من الخاطفين الـ 19 الذين شاركوا في تلك الهجمات كانوا من المواطنين السعوديين.

العلاقات السعودية الأمريكية التي حافظت على مستوى من الاستقرار والثبات واهتزت اهتزازا عنيفا في أعقاب كشف النقاب عن أن 15 من بين 19 شخصا ممن نفذوا هجمات 11 سبتمبر الإرهابية ضد الولايات المتحدة كانوا شبابا سعوديين مما تسبب في تغلغل موجة من المشاعر المعادية للسعودية في أوساط الأمريكيين.ومع تزايد حدة هذه الحملة والملاحقات الأمنية الأمريكية للسعوديين والتدقيق في كل ما له علاقة بالسعوديين في الولايات المتحدة والحملات الإعلامية الأمريكية التي استهدفت النظام السعودي والمذهب الوهابي بل والإسلام ككل اجتاحت أوساط الرأي العام السعودي موجة من المشاعر المعادية للولايات المتحدة وتململ داخل الأسرة المالكة السعودية من الموقف الأمريكي المتربص تلته حملة صحفية سعودية لانتقاد المواقف والسياسات الأمريكية خاصة ما عُـرف بالحملة الأمريكية ضد الإرهاب في العالم والتي وصفتها وسائل الإعلام السعودية بأنها كانت الغطاء الذي تسترت وراءه قوى الصهيونية لاستهداف المملكة والعلاقات مع الولايات المتحدة وسرعان ما أدرك الجانبان وجود مشكلة في العلاقات ليس على الصعيد الاستراتيجي فحسب وإنما على صعيد النخبة والرأي العام في البلدين.

ورغم كل تلك التحولات والمتغيرات في مسار العلاقات القائمة تربط بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية مصالح اقتصادية متشابكة لكن من الواضح أنّ هناك بعداً أمنياً أيضاً فقد استمرت الولايات المتحدة على مدى عقود بتقديم ضمانات أمنية لدول الخليج المصدّرة للنفط وعلى رأسها السعودية.

وفي الواقع وعدت أمريكا بمساعدة أية دولة عربية خليجية تتعرّض للهجوم داخلياً كان أم خارجياً جاءت هذه السياسة الأمريكية المعروفة باسم عقيدة كارتر كردٍّ مباشر على فقدان أمريكا أحد حلفائها الرئيسيين في المنطقة وهو شاه إيران الذي أطاحت به ثورة العام 1979 وربما يكون تحرير أمريكا للكويت من قبضة الرئيس العراقي صدّام حسين عام 1991 هو أشهر تطبيق لعقيدة كارتر.

وفي آذار / مارس 2015 اعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما انه خول القوات الامريكية بتزويد السعوديين بدعم استخباري ولوجستي أثناء التدخل العسكري السعودي في اليمن لكن العلاقات مع ادارة اوباما تعرضت لبعض الفتور بسبب توقيع الاتفاق النووي مع ايران خصوصا وان علاقة الرياض مع طهران تتسم بالتوتر وفي عهد الرئيس ترامب أكد في العديد من المرات أن على السعودية أن تدفع تكاليف حماية أمنها الداخلي فهو يحاول أن يدعم اقتصاد بلاده من خلال صفقات الأسلحة التي يجريها مع دول المنطقة من خلال الضغط على السعودية بالورقة الإيرانية.

وتأتي دعوة الرئيس الامريكي جو بايدن لوقف الحرب في اليمن وقرار ادارته وقف كل اشكال علاقتها بهذه الحرب بما فيها تعليق بيع الاسلحة ذات العلاقة بها تأكيدا على أستراتيجية أمريكا في الحفاظ على أمن السعودية من خلال غلق باب الحرب المفتوحه والذي تستغله أيران في أستنزاف السعودية وكل دول الخليج وقد لا تكون دعوة الرئيس بايدن مفاجئة لانها تعتبر ترجمة لتوجه لدى الادارة الجديدة برزت مؤشراته خلال الحملة الانتخابية الا ان اللافت في هذه الخطوة او الدعوة انها شكلت اول قرار لهذه الادارة على مستوى السياسات الخارجية والسرعة التي تمت فيها في وقت مازال الجدل مرتفعا حول الخطوات التي كان من المتوقع ان يلجأ اليها بايدن في ما يتعلق بالملف الاكثر سخونة والحاحا في الشرق الاوسط خاصة ازمة الملف النووي الايراني وما يتفرع عنه من ازمات في الملف الصاروخي والنفوذ الاقليمي.

لكن كما يبدو أن الازمة اليمنية وحربها تشكل في بعد من ابعادها الرئيسية تحديا لاحد اهم وابرز الادوار الايرانية في منطقة الشرق الاوسط واختبارا حقيقيا لتوظيفات نفوذها الاقليمي فالموقف الامريكي الحاسم من هذه الحرب سيجعل السعوديين أكثر أقتناعا بأهمية وقف الحرب في اليمن خصوصا وأن الرئيس بايدن قدم الضمانات والتعهدات بالتزام الدفاع عن امن واستقرار السعودية ضد اي اعتداء قد تتعرض له وهي ضمانات قد تشكل مدخلا لأستقرار المنطقة خصوصا بعد أعلان الامارات انسحابها رسميا من العمليات العسكرية التي تجري في اليمن وتوجهها نحو جعل الأمارات دولة سلام وتدعو للتعايش والسلام والتنمية الاقتصادية والاستثمارية والتعايش بين الشعوب مما يعني ترك السعودية في حرب تخسر سمعتها فيها يوميا بسبب حجم الكارثة الانسانية الناتجه عن هذه الحرب المستمرة لأكثر من ست سنوات لم تحقق فيها أهدافها بل سببت مشاكل متعددة للسعودية ولعل الشرعية اليمنية المتواجدة في الرياض أحد هذه المشاكل التي أرهقت السعوديين حيث تمكنت من إغراق القوات السعودية في اليمن بالاضافة إلي أن الخلافات الكبيرة بين مكونات الشرعية المختلفة وأرتباطاتها الاقليميه قد عكس نفسه على دول التحالف بشكل عام حيث أن الأمارات.

أدركت أن حرب اليمن لن تصل إلى أي مكان و ربما هذا هو السبب في إعلانها مؤخراً إنسحاب قواتها من اليمن وتركت المملكة العربية السعودية وحدها.واذا ما كانت الخطوة الامريكية قد عززها الترحيب السعودي فان الخوف من ان تعمل طهران على التشكيك في جدية واشنطن في أنهاء ووقف الحرب في اليمن خاصة اذا شعر النظام الايراني بان الهدف الامريكي من هذه المبادرة وهذه الخطوة هو اخراج الورقة اليمنية من اليد الايرانية وحرمانها من احدى ادوات الضغط التي من المفترض ان توظفها على طاولة التفاوض لتحسين موقفها في مواجهة ما يمكن ان يطرح من دور سعودي في مسار التفاوض حول الاتفاق النووي.فإن تصريح وزير الخارجية الامريكي الجديد انثوني بيلكن قد أكد على الرغبة والجدية بخلاف التصريحات الإيرانية قائلا بالنسبة لليمن هناك ثلاثة أشياء حاسمة. أولاً ننهي دعمنا للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.

ثانيًا ونحن نفعل ذلك أيضًا فنحن ملتزمون بشدة بالدفاع عن السعودية والعدوان الموجه لها من الحوثيين لذا فإن هاتين النقطتين في غاية الأهمية.لكن النقطة الثالثة لا تقل أهمية حتى مع خروجنا من دعم الحملة العسكرية فإننا نميل إلى لعب دور قيادي ودور نشط في الدبلوماسية لمحاولة إنهاء الحرب فعليًا الرئيس ومن خلال وزارة الخارجية عين مبعوثا خاصا رفيع المستوى للتعامل مع اليمن وهو الآن منخرط في العميلة ويتحرك نحن بحاجة إلى الاعتماد على هذا تعتبر هذه أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقًا لمعظم الحسابات المطروحة وهذا ما نميل أليه الآن ملايين الأشخاص يعيشون في وضع يائس للغاية إنهاء الحرب هو الشيء الأساسي لتحسين أوضاعهم وظروفهم.

إن مثل هذه التصريحات تؤكد أنخراط الولايات المتحدة في موضوع اليمن بشكل أكبر ومباشر إلي جانب السعوديين وعدم ترك السعودية منفردة في التعامل مع ملف اليمن. كما أن القرار الامريكي الواضح وعبر دعوة الرئيس بايدن يؤكد الاهتمام الامريكي بحماية مصالحها ومكافحة الإرهاب ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ومواجهة الأخطار المحتملة من القوي الجديدة التي تبحث عن موطئ قدم في اليمن بشكل خاص وفي كل المنطقة بشكل عام من خلال أسلوب جديد ومباشر في هذه المرحلة.

أمام الحوثيين (أنصار الله ) اليوم مسار جديد للأعلان عن أنفسهم وأستقلالهم السياسي والوطني في التعامل مع أعلان الرئيس الامريكي جو بايدن من خلال عمل سياسي حقيقي من أجل السلام في اليمن وهذا لا يتم من خلال بعض التصريحات المتناقضة سواء سلبا أو أيجابا المطلوب اليوم هو تقديم رؤيا متكاملة لأن الحرب لايمكن أن تستمر الي مالانهاية يحب أن يكون هناك وضوح في ماهي الاستراتيجية علي المستوي الوطني والإقليمي والدولي فاليوم نعيش في عالم تحكمه قواعد واضحة من المصالح وتبادل المنافع أما الغموض وعدم الوضوح فإنه يعقد من المشهد ويزيد من حاله الارتباك ويساعد علي أستمرار الصراع والحروبأنصار الله اليوم أصبحت قوة سياسية مهمة في اليمن وسيكون لها دور في تشكيل مستقبل اليمن وعليهم أ ن يكونو أكثر واقعيه في الحوار السياسي الشامل مع العالم الخارجي والمحيط الأقليمي ومع كل القوي السياسية في اليمن للوصول الي صيغ مقبولة تقود الي السلام والأتفاق على الحكم والإدارة والتعايش فالمشكله في اليمن ليست مذهبية أوطائفيه فاليمنيين ليس لديهم أي مشكلة مع المذاهب والطوائف والمناطق وإنما يتم أستخدمها سياسيا للحصول علي بعض المكاسب وماتحتاجة اليمن في الوقت الحالي التوافق علي وقف الحرب وتطبيع الأوضاع ورفع الحصار وحل مشكلة السلطة وبناء شرعية جديدة وفقا لقواعد مقبولة وتوافق من الجميع وتحترم أرادة اليمنيين جميعا.

اليوم أنصارالله والقوي السياسية جميعا بحاجة الي النظر بواقعية أكثر من أي وقت مضي الي حالة البلد وماوصلت الية من دمار وخراب ولايمكن أن يكون هناك منتصر من مايجري الجميع يخسر كل يوم هل يمكن أن يبداء الجميع في رفع الصوت بضرورة فتح نوافذ الحوار والالتقاء والتفكير في الخروج من هذا العبث الذي أصاب جميع اليمنيين والتعامل مع التوجهات الجديدة للأداره الامريكية.

ومن أجل أن تكون الدولة اليمنية القادمة دعامه أساسيه للأستقرار في المنطقة فلا بد من العمل على وقف الحرب والاتفاق السياسي باعتباره السبيل الأفضل للخروج من هذه الحرب وتقديمه كبديل للمخاطر المحتملة التي تهدد مصالح اليمن ودول الجوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى