دور المُشرع البرلماني في ضوء دستور 2014 المعدل في 2019

كتب: محمود عنتر المحامي

إنّ دستور 2014 قصر السلطة التشريعية على مجلس النواب فقط والمعروف بنظام وحدانية البرلمان او أحادية المجلس ، ثم أظهرت الممارسة العملية أهمية وجود غرفة ثانية للسلطة التشريعية ( مجلس الشيوخ )، منحازاً لمبدأ ثنائية البرلمان أو نظام المجلسين المعمول به في عدد من النظم البرلمانية المتطورة، ومنها فرنسا وايطاليا والهند والبرازيل والأرجنتين وكندا وجنوب إفريقيا واستراليا واليابان وسويسرا ، حيث يمثل وجود غرفتين بالبرلمان ضمانة أساسية لإصدار التشريعات بعد تمحيصها والاطمئنان إلى استجابتها لمتطلبات الحياة العامة في المجتمع ويحقق الاستقرار القانوني وأثبتت نجاحاً عملياً داخل العديد من الدول التي أخذت بهذا النظام .

 

ووفقاً للمادة 101 من الدستور أناط لمجلس النواب سلطة التشريع، و إقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما أناط لمجلس النواب ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية تاركًا التفصيلات للقانون يحدد ماهية الرقابة وتفصيلاتها وحدودها.

 

وحددت تعديلات قانون مجلس النواب الجديدة آليات اكتساب الشخص عضوية البرلمان وحددت المستندات التى يقدمها المرشح ، حيث نصت المادة 10 من مشروع القانون الذي وافقت عليه لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب أن يكون طلب الترشح مصحوباً بالمستندات التالية ، بيان يتضمن السيرة الذاتية للمترشح وبصفة خاصة خبرته العلمية والعملية ،وصحيفة الحالة الجنائية لطالب الترشح، وبيان ما إذا كان مستقلا أو منتمياً إلى حزب، واسم هذا الحزب ،وإقرار ذمة مالية له ولزوجته وأولاده القصر، الشهادة الدراسية الحاصل عليها ،وشهادة تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، أو ما يفيد الإعفاء من أدائها طبقا للقانون، وإيصال إيداع مبلغ عشرة آلاف جنيه تودع خزانة المحكمة الابتدائية المختصة بصفة تأمين،و والمستندات الأخرى التى تحددها الهيئة الوطنية للانتخابات لإثبات توفر الشروط التى يتطلبها القانون للترشح.

 

ونص الدستور الحالي وكرس ذات الفكرة في الدساتير السابقة والمقارنه، ألا وهى ضرورة أن يتفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله وفقاً للقانون ، علي ان  يتقاضى العضو مكافأة يحددها القانون .

 

وتتوزع أبرز القواعد القانونية المنظمة لمهام عضو مجلس النواب علي ثلاثة مصادر هامه اولها ‘ الدستور’ الذي ضبط فيه المشرع مهام السلطة التشريعيه وطبيعه العلاقه بينها وبين السلطات الاخري ،وثانيها ‘ قانوني مباشرة الحقوق السياسيه ومجلس النواب الذي يضبط آليات إكتساب عضوية البرلمان والترشح وتقسيم الدوائر الانتخابيه ، وثالثها ‘ اللائحة الداخليه’ للمجلس التي تضبط هيكلة وآليات العمل التشريعي والرقابي للنائب ، وبالعودة لجملة النصوص المنظمة لمهام عضو مجلس النواب يتبين ان للنائب مهمتين اساسيتين الاولي مهمة تشريعيه يساهم من خلالها في سن القوانين والتشريعات والمصادقه علي الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وإعلان الحرب والسلم ،والثانيه مهمه رقابيه يراقب من خلالها النائب عمل الحكومة ويشارك في مناقشة مشروع الموازنه العامه للدوله.

 

اولاً المهام اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ ﻟﻠﻨﺎﺋﺐ حيث يؤدي ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ النواب اﻟﻤﻨﺘﺨﺐ إﻧﺘﺨﺎﺑﺎ ﺣﺮّا ﻣﺒﺎﺷﺮا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﻟﻤهاﻣﻪ اﻟﯿﻤﯿﻦ و اﻟﺘﻲ ﻳﻠﺘﺰم ﻣﻦ ﺧﻼﻟها ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺈﺧﻼص وﻓﻖ المادة (104) من الدستور وھﻮ ﻋهد ﻳﻘﻄﻌﻪ اﻟﻨﺎﺋﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎن ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﺪود اﻻدوار اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺢ ﻟﻪ بها اﻟﺪﺳﺘﻮرونصه كالتالي “أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه”.

و ﻟﻌﻞ ﻣهام اﻟﻨﺎﺋﺐ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﺎب ﺣﯿﺚ ﻣﻨﺤﻪ اﻟﺪﺳﺘﻮر ﺣﻖ اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ ، ﻓهو ﻳﻘﺘﺮح ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻗﻮاﻧﯿﻦ أو ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﻗﻮاﻧﯿﻦ ﻛﻤﺎ نصت المادة (122) من الدستوراﻟﺬي اﺷﺘﺮط ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺣﻖ اﻟﻤﺒﺎدرة اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ لرئيس الجمهورية، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو فى مجلس النواب اقتراح القوانين، ويحال كل مشروع قانون مقدم من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب، لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس، ويجوز للجنة أن تستمع إلى ذوى الخبرة فى الموضوع، ولا يحال الاقتراح بقانون المقدم من أحد الأعضاء إلى اللجنة النوعية، إلا إذا أجازته اللجنة المختصة بالمقترحات، ووافق المجلس على ذلك، فإذا رفضت اللجنة الاقتراح بقانون وجب أن يكون قرارها مسبباً،  وكل مشروع قانون أو اقتراح بقانون رفضه المجلس، لا يجوز تقديمه ثانية فى دور الانعقاد نفسه.

ولا يسأل النائب عما يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله فى المجلس أو فى لجانه ، ويتمتع ﺑﺤﺼﺎﻧﺔ ﺗﻌﻔﯿﻪ من اتخاذ أى إجراء جنائى ضده فى مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس وفى غير دور الانعقاد، يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء وذلك في غير حالات التلبس بالجريمة ،والحصانه هنا ھﻲ ﺣﺼﺎﻧﺔ ﻣﻘﯿدة ﺑﺸﺮوط ﺣﺪدھﺎ اﻟﺪﺳﺘﻮر و نص عليها الفصل الخامس من اللائحة الداخليه للمجلس وهي المواد االخاصه بالجزاءات البرلمانيه .

ھﺬه اﻟﺼﻼﺣﯿﺎت اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ذكرناها ھﻲ ﻣﻦ ﺻﻤﯿﻢ ﻋﻤﻞ النائب البرلماني ﻟﺘﺠﺴﯿﺪ أﻓﻜﺎره و ﺗﻄﻠﻌﺎت ﻣﻦ اﻧﺘﺨﺒﻮه ﻓﻲ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻗﻮاﻧﯿﻦ و ﺗﺸﺮﻳﻌﺎت واﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨها  داﺧﻞ اﻟﻤﺠﻠﺲ ﺣﺘﻰ تتحول اﻟﻲ ﻗﻮاﻧﯿﻦ ﻧﺎﻓﺬة ﺗﺴﺎھﻢ ﻓﻲ دﻓﻊ ﻋﺠﻠﺔ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ وتدعيم الاستقرار وﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺮﻓﺎهيه المجتمعيه لجميع طبقات الشعب بشتي القطاعات والمجالات المختلفه ، علماً بان ھﺬه اﻟﻮظﺎﺋﻒ اﻟﺘﺸﺮيعيه ﻟﻠﻨﺎﺋﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﺮﺗها و أھﻤﯿتها ﻻ ﺗﺤﺠﺐ اﻟﺪور اﻟﺮّﻗﺎﺑﻲ اﻟهام اﻟﺬي ﻳﻘﻮم ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ إطار ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻮازن ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻠﻄﺘﯿﻦ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ و اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﺔ .

 

ثانياً اﻟﻤهام اﻟﺮقابيه ﻟﻠﻨﺎﺋﺐ : إن اﻟﻤهارات اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺘسبها النائب ﺧﻼل ﻋﻤله اﻟﺒﺮﻟﻤﺎني ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻗﺎدراً ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺪور اﻟﺮﻗﺎﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﺔ ﺣﻮل أداءها ﻟﻼﺧﺘﺼﺎﺻﺎت اﻟﻤﺨﻮّﻟﺔ ﻟها و ھﻲ اﻟﻤهام اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﺒﯿﺮاً ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺘﻮازن ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻠﻂتين اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪثت عنها المادة 129 وما يليها من اﻟﺪﺳﺘﻮر والباب السابع من اللائحة الداخليه للمجلس الخاصه بوسائل وإجراءات الرقابة البرلمانيه،

وذلك علي النحو التالي من تقديم الاسئله إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم، وهي أسئلة فى شأن من الشئون التى تدخل فى اختصاصهم، وذلك للاستفهام عن أمر لا يعلمه العضو، أو للتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه من أحد المواطنين، أو للوقوف على ما تعتزمه الحكومة فى أمر من الأمور، وعلى الحكومة الإجابة عن هذه الأسئلة فى دور الانعقاد ذاته  ، وكذلك لكل نائب برلماني أن يقدم طلب إحاطة بهدف ان يحيط المسئول علما بأمر له أهمية عامة ويكون داخلا فى اختصاص من يوجه إليه.

وكذلك يجوز للنائب أن يطلب من رئيس المجلس الموافقة على الإدلاء ببيان عاجل يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد أعضاء الحكومة عن موضوع غير وارد فى جدول الأعمال، إذا كان من الأمور العامة العاجلة ذات الأهمية ، كما يجوز لكل عضو أن يوجه استجوابًا إلى رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم، لمحاسبتهم فى أى شأن من الشئون التى تدخل فى اختصاصاتهم مرفقا به مذكرة شارحة تتضمن بيانا بالأمور المستجوب عنها، والوقائع والنقاط الرئيسية التى يتناولها الاستجواب، والأسباب التى يستند إليها مقدم الاستجواب.

وكذلك يحق للنائب تقدم طلب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، أو أحد نوابه، أو أحد الوزراء، أو نوابهم كتابةً إلى رئيس المجلس موقعا عليه من عُشر أعضاء المجلس على الأقل ، ويجوز لعشرين عضوًا على الأقل طلب مناقشة موضوع عام لاستيضاح سياسة الحكومة فى شأن ما ، ولكل عضو إبداء اقتراح برغبة فى موضوع عام مرفقًا به مذكرة إيضاحية توضح موضوع الرغبة واعتبارات المصلحة العامة المبررة لعرض الاقتراح على المجلس.

كما يكون لمجلس النواب تشكيل لجان تقصي حقائق فى موضوع عام، أو بفحص نشاط إحدى الجهات الإدارية، أو الهيئات العامة، أو المشروعات العامة ، وكذلك تشكيل لجنة للاستطلاع والمواجهة، فى موضوع ذى طبيعة هامة مما يدخل فى اختصاص المجلس، وأخطر تلك المهام الرقابيه بكل تأكيد هو تقديم طلب اتهام رئيس مجلس الوزراء أو نوابه، أو الوزراء أو نوابهم، بالخيانة العظمى

وﻗﺪ ﺿﺒﻂ اﻟﺪﺳﺘﻮر واللائحه الداخليه للمجلس ھﺬه اﻻﻟﯿات الرقابيه ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺮوط و اﻟﻘﯿﻮد – ﺳﻮاء من حيث ﻋﺪد اﻟﻨﻮاب او الخطوات والاجراءات أو ﺣﺠﻢ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﻛﺎﻓﯿﺎً لإنفاذ تلك الآليه ، إذ أن ﺳﺤﺐ اﻟﺜﻘﺔ ﻣﻦ وزﻳﺮ  ﻗﺪ ﻳﻌﺠﻞ ﺑﺮﺣﯿﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻋﺘﻤﺎداً ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﯿّﺰ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻲ .

وهناك مهام نري من وجهتنا انه يمكننا أن نطلق عليها’ تشاركيه’ مع السلطة التنفيذيه ويظهر ذلك جلياً عند مناقشة مشروع الموازنه العامه للدولة والإطار العام لخطة التنمية الطويلة أو المتوسطة الأجل ومشروع قانون الخطة السنوية وتقرير المتابعة السنوى ،  ومشروعات قوانين ربط الموازنة العامة للدولة والموازنات الأخرى، وبمراعاة الجهات والهيئات التى تُدرج موازناتها رقما واحدا، ومشروعات قوانين ربط الحسابات الختامية ،وكذلك تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، والوزارات المختصة بالمالية والاقتصاد والتجارة الخارجية عن الحسابات الختامية.

ھﺬه اﻟﻤهام الرئيسية  ﻟﻠﻨﺎﺋﺐ البرلماني اﻟﺘﻲ أﺗﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮھﺎ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﯿﻞ قدر الإمكان وﻓﻘﺎً ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ المصري، ھﻲ اﻟﻤﺮآة اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻘﯿّﻢ ﻣﻦ ﺧﻼلها اﻷدوار اﻟﻜﺜﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻠﻌﺒها النائب ﻓﻌﻠﯿﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ الذي نحياه ، فهنيئاَ لمن يعلم دورة جيداً ويعي قدر وعظّم مفهوم ” مُشرع برلماني ” .

زر الذهاب إلى الأعلى