مريم الشكيلية
لا يخفى على الجميع ظهور أطفالنا بشكل متزايد على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، لتتسع دائرة الأطفال المستخدمين لهذه البرامج على الهواتف المحمولة.
وفي السابق اقتصر تواجد الأطفال على منصات التواصل الاجتماعي لفئة محددة وهي “أطفال المشاهير”، لكننا نشهد اليوم اتساع دائرة الأطفال المستخدمين، واتجاه البعض للكسب المادي والشهرة وزيادة المتابعين، الأمر الذي قد يصل إلى حد استغلال الأطفال.
ومن المؤسف أن يصل الأمر في بعض الأحيان إلى التعنيف أو إحداث ضرر للطفل إما في صحته الجسدية أو النفسية، وكل هذا من أجل كسب مادي ولفت النظر لزيادة أعداد المتابعين دون النظر إلى ما قد يلحق بهذه الفئة الصغيرة من ضرر.
النوع الجديد من الاستغلال للأطفال على السوشيال ميديا هو نفسه الاستغلال الذي حرمته المجتمعات في السابق لكن بشكل جديد وحلة مختلفة، بل إن استغلال الأطفال اليوم أصبح علنيا ومن المقربين لهم.
كيف لطفل أن يظهر في فيديو مصور وهو يتعرض للتعنيف أو الزج به في مشهد مريب أو يعرضه للتنمر بقصد الكسب المادي، وللأسف أكثرها تأتي من الآباء دون النظر إلى تبعات ما تحمله هذه الفيديوهات من ضرر، وهذا من وجهة نظري هو تهديد للطفولة، وكيف لنا بإدخال هذه الكائنات البريئة الصغيرة في حلبة من التنافس الجشع والتسارع إلى الشهرة، والأمر ليس صدفة أن نسمع عن وفاة طفل هنا وهناك أو عن إلقاء القبض على أب على خلفية فيديو نشره وهو يعنف ابنه لجلب التعاطف وزيادة المتابعين.
لقد وصل الأمر فعلا إلى أن البعض يمتهن هذا الأمر كمهنة أساسية، وفي اعتقاده أن هذا الأمر سيجلب له المال والشهرة معا، ضاربا عرض الحائط بحقوق الطفل وما قد ينتج عن هذا الأمر من أضرار متعددة له.
لقد تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى بيئة للتلاعب بالمشاعر وجذب التعاطف واكتساب الشهرة من خلال الفيديوهات التي يتم تصويرها لتحقيق هذا الغرض، كما أن البعض يتعمد إثارة الجدل لتحقيق أكبر قدر من الانتشار، ليظهر بعدها ويبرر ما فعله والرد على انتقادات المتابعين.
للأسف هؤلاء لا يعلمون أنهم يسلكون طرقا للكسب المادي على حساب فلذة أكبادهم وعلى حساب صحتهم الجسدية والنفسية والعقلية وكأننا في حلبة سباق ومنافسة لمن يأتي بفيديو أكثر جرأة وأكثر قسوة وأكثر غرابة، وكأننا أصبحنا نعيش في غابة لا وجود فيها حتى للإنسانية.
وهنا أقول نحن بأيدينا إيقاف ومحاربة هذه السلوكيات الدخيلة والخطيرة للحفاظ على الأطفال من مصير الاستغلال، وذلك من خلال إلغاء متابعة الحسابات أو التعليق فيها بحيث تفقد مغزاها، وبهذه الطريقة فقط يمكننا فقط محاربتها وإنقاذ الفئة البريئة التي لا ناقة لها ولا جمل في هذه الجريمة.
*الصورة من محرك البحث العالمي (جوجل)