الشاعر العراقي أسعد الجبوري: “نصوصي مخلوقات ناطقة حسياً”

04:41 مساءً الأحد 8 نوفمبر 2020
اسماعيل فقيه

اسماعيل فقيه

شاعر وكاتب وصحافي من لبنان

  • Facebook
  • Twitter
  • Rss
  • Mail
  • Print

بيروت ــ إسماعيل فقيه :

أسعد الجبوري

أسعد الجبوري

(شعراء المهجر) … أنشأ (الأمبراطور) للإضاءة على القصيدة النسوية

 

 

الشاعر العراقي أسعد الجبوري، كائن يعيش في المحاولة”محاولة تأليف الحياة من المنابع الداخلية للغة”، وما زال (يحاول) في منفاه الإختياري في الدنمارك، في تلك البلاد الذي وطأها منذ سنوات وما زال يسرح في بردها وصقيعها،باحثاً عن مساحة عيش واكتشافات جديدة ومحاولات . وأصدر العديد من الكتب الأدبية والشعرية والروائية، وتندرج كتاباته وكتبه في تلك المحاولة المستمرة .

أسعد الجبوري22 كتاب أسعد الجبوري كتاب أسعد الجبوري11يتميز الجبوري بكتابة القصيدة الخاصة، أو القصيدة السوريالية،لكنها سوريالية خاصة تشبه لونه وحركته في الحياة، لذلك هي قصيدة خاصة لا تتشابه مع سواها.أما الخصوصية التي أنتجها الشاعر،فهي تتجسد اليوم في كتاباته الأخرى،والمتماشية مع روح العصر والتكنولوجيا. فقد أنشأ موقع (الأمبراطور) على النت، وسخر له كل عناصر الجذب للكتاب وللكتابة نفسها، وأعطى للشعر والقصيدة حيزاً واسعاً، حيث بات الموقع يجسد (الأمبراطور الشعري)، ويحتفظ هذا الموقع اليوم بنسبة مشاركين وقراء تعدى عددها المليون متصل وكاتب وقاريء.

للتعرف أكثر على أسعد ، كان لنا معه هذا الحوار، فماذا يقول؟:

ــــــــــــــ من هو  أسعد الجبوري. من أين يأتي والى أين يذهب. كيف يعيش ولماذا يعيش؟

ــ أنا كائن يحاول تأليف الحياة من المنابع الداخلية للغة،وذلك بجعل النصوص مخلوقات ناطقة حسيّاً ،وتشارك الآخرين بيومياتهم  التي تمنح الإنسانية بعداً أدبياً يليق بها .

 

ــــــــــــــــ لماذا تكتب، وهل الكتابة قدرك؟

ــ ما زال هذا السؤال تائهاً ،ولم يجد من يبرر لا حضوره ولا غيابه.أنه سؤال الكتابة ذاتها،تلك الآلة العاملة في الرأس بشكل أوتوماتيكي ،لا قدرة لي على إيقاف محركاتها،لأنها لا تخصني.هكذا أشعرُ بالكتابة دائماً،وكأنها كائن آخر لا علاقة لي به.أنا ظلُ للكتابة التي تجسد وجودي عبر الزمنكيات المتعددة.ولا شأن للقدر بالكتابة،بقدر ما أنها جينات تفرض صبغياتها على خلايا اللغة الباطنية التي أتعايش معها بنوع من السرّية .

ـــــــــــــــــــ الشعر هل هو نصيبك أو ذنبك في الحياة؟

ــ عندما وجدت نفسي في الشعر ذات يوم قديم،اعتقدت بأنني قدمت من كوكب آخر إلى منطقة ما من جسدي.أرعبتني تلك الفكرة،حتى بدأت بالتخفي عنها والهروب من الصور التي كانت تتساقط من الفضاء في رأسي بشكل مكثف.تجاربي الشعرية ما تزال مستمرة بالقفز من مرحلة إلى أخرى دون توقف.فالشعر قطار لا محطة له،ولا يتمتع بفرامل تكبح جماح طاقاته المتجددة كالذرّة ،وقتما تبدأ بالانشطار اللانهائي.

ــــــــــــــــــ لماذا تعيش في الغربة، غربة عن وطنك وناسك، وربما غربة أعمق أنك لم تصل الى حيث تريد؟

ــ لم أصب بالحميّات النوستالجية إلا في بدايات المنفى الأولى.كنت صغيراً آنذاك،وكان الحنين طفلاً يركب على ظهري،ويسوقني إلى  الأمكنة القادرة على إشعال الحرائق.ولكنني تقدمت أكثر من خطوة في الاغتراب فيما بعد،ليس كمعالج لأمراض الحنين،ولكن لأنني اكتشف أن تراب المنافي أصلح لنمو الشعر من الأرض الأولى التي ولدت عليها .بعبارة أدق،أن النازل من رحم أمه في العراق،نادراً من يفلت من أرحام السجون والمعتقلات وكراسي الإعدام وحبال المشانق.   ؟

ـــــــــــــــــــ ماذا ترى وتسمع وتحس وتشعر في غربتك في القارة العجوز،حيث البرد هو اللغة النارية دائماً؟

ــ لا أعتقد بان الجغرافيات ،أصبحت عاملاً مؤثراً في الحياة الإنسانية أبداً،خاصة بعد أن تحولت البلدان إلى مدافن،لا يستطيع المرء دفع تكاليف قبره فيها. ان الحروب لم تمزق اللحوم وحسب،بل مزقت التراب الوطني،فصار غباراً يتطاير فيه القتلى بدلاً من طيارات الورق الملّونة.

لذا فالبرد في القارة العجوز،يمكنك مقاومته بحرارة الغناء والثياب السميكة والكتابة عن الحرائق المشتعلة في الذاكرة في آخر كلّ ليل.يضاف إلى أن الحواس عندي،باتت أشبه بالمناطق التي منحت الكلمات أن تكوّن فيها مخلوقاتها وتعيش بالطرق التي تراها لائقة بمقاومة الظلام الداخلي وقمع رنين الحزن في باطني العميق .

أعد الجبوري4ــــــــــــــــــــــ الانتقال من ضفة الى ضفة كمن يولد من جديد،فكيف من ينتقل من أرض الدفء ورطوبة التراب والثمار الى أرض مختلفة تماماً، أنت تعيش في مساحة متحولة، أليس كذلك؟

ــ ليس بالضرورة الحديث عن الانتقال إلى الأراضي الجديدة بهذا المنطق،خاصة إذا كان الانتقال ليس اختيارياً.عالمنا المعاصر ،لم يعد له من خيار سوى التعايش والاندماج على الرغم من العوامل اللاهوتية التي تهدد تلك الفكرة وتنسفها جملة وتفصيلاً.من هنا،أجد نفسي في الكتابة،لأنها تربة التحولات التي تنقلني من ضفة المجاز إلى ضفة البلاغة إلى ضفة الحب وثمار الغرام التي تُجدد الخلايا،وتمنح اللغة الطاقات الإضافة ،منعاً للتصحر واليأس والخيبة.

ــــــــــــــــــــ موقع الامبراطور الذي أنشأته على النت، من هو الامبراطور هل هو أسعد؟

ــ كان موقع الإمبراطور  الإليكتروني إنجازاً أدبياً كبيراً.وما زال منصة لإطلاق المواهب والعناوين الأدبية التي نسعى لتكريسها ضمن مشروع الحداثة حول العالم.إما أن يكون أسعد الجبوري هو الإمبراطور،فذلك ليس مؤكداً أو صحيحاً.أنا أردت منح كل شاعر حداثوي متقدم داخل اللغة ذلك اللقب.فالشاعر أفضل أباطرة التاريخ والجغرافياً على حدّ سواء.وتلك هي الفكرة التي بُني عليها اسم الموقع بالضبط.

أسعد الجبوري1ــــــــــــــــــــ ماذا تريد من موقع الامبراطور أن يفعل ويحقق لك وللثقافة،وخصوصا الثقافة المشرقية؟

ــ موقعنا ساهم بدعم المشاريع الثقافية الحيوية،ومضى بعيداً في تقديم الأصوات الشعرية النسوية التي كانت تتعايش مع الخنق والاختناقات ،بعد أن فتح أبوابه لك المواهب التي وجد في تربتها المعادن القابلة للاشتعال والتطور والقدرة على جعل الشعر مؤثراً في تكوين مشاعر الأرواح وبُنى الحواس ،وليس من أجل الهواية والزينة والبرستيج.

ــــــــــــــــــــ ماذا تكتب اليوم، أما زالت قصيدتك في مساحتها وملاعبها،شكلا ومضمونا؟

ــ بعد أن انتهيت من نشر روايتي السادسة ((ثعابين الأرشيف)) مستمر في كتابات حوارات ((بريد السماء الافتراضي)) الذي أحاول من خلاله إعادة الشعراء الموتى إلى الأرض من جديد،عبر التذكير بهم وإعادة تقييم نتاجهم الشعري.وهي فكرة لم يقتحمها من قبل غير المعري ودانتي.وبالإضافة إلى ذلك فأنا مستمر بكتابة ((نانو)) الشعر .وكائنات الحرب تكملة للمشروع الشعري التجريبي الذي قطعت فيه شوطاً رائعاً .

ـــــــــــــــــ أسعد الجبوري شاعر حزين أو سعيد .ذاهب أو عائد ؟

ــ كل ما في داخلي من مخلوقات ،تدرّبت على الانخراط بتجارب الحياة وما فوقها من فانتازيا وخيال . لذا لا خوف عندي من أن أكون تعيساً أو سعيداً.ذاهباً أو عائداً.الشاعر برأيي مشروع حيوي للطيران باللغة ،وذلك من أجل الانتصار على القيم الرديئة والنصوص التي تمارس تضليل القارئ في الهاوية.كل جهدي أن يتجلى الشعر على خط الاستواء،ولكن دون أن يجعل منه حبلاً لنشر النصوص كالملابس الداخلية .

 

 

 

اترك رد

كوريا الشمالية: الأسرة والزواج وأشياء أخرى!

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

آندريه نيكولايفيتش لانكوف Andrei Nikolaevich Lankov

كاتب روسي حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الدولة في ليننجراد ، درس في جامعة كيم إل ـ سونج، أستاذ في الجامعة الأسترالية الوطنية وجامعة كوكمين.

أحدث التغريدات